مع اقتراب موعد انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية تزداد مخاوف وقلق الأكراد والعرب في الموصل إزاء إمكانية حدوث مواجهات بين قوات البشمركة والجيش العراقي.
وستنسحب القوات العسكرية الأمريكية من جميع المدن العراقية كما هو متفق عليه في 30 تموز/ يوليو، وتسلم مسؤولية الأمن فيها إلى القوات العراقية.
إلا أن السياسيين الأكراد والعرب في محافظة نينوى ما زالوا في حالة من النزاع المستمر الأمر الذي أدى إلى ازدياد حدة المخاوف بحدوث مواجهات محتملة.
في هذا الصدد أطلع خسرو جوران، وهو واحد من أبرز السياسيين الأكراد في الموصل، ورئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في المدينة، أطلع مراسل نقاش على مخاوفه قائلا: "إنني قلق وأعتقد بأن الاشتباكات ستندلع بالتأكيد بين القوات الكردية والجيش العراقي في مدينة الموصل بعد انسحاب القوات الأمريكية من المدينة." لافتا إلى أن القوات الأميركية تقوم حاليا بدور حيوي في الحفاظ على التوازن بين الأكراد والعرب.
وقد تصاعدت حدة التوتر في المحافظة، التي تعتبر من بين المناطق المتنازع عليها بين إقليم كردستان والحكومة المركزية، بعد إعلان عدد من المناطق الكردية مقاطعتها لإدارة مجلس المحافظة بسبب هيمنة قائمة "الحدباء" العربية السنية عليه. وكانت قائمة "الحدباء" قد حازت على أغلبية المقاعد في الانتخابات الأخيرة، وتولت جميع المناصب الإدارية الرئيسية، مقصية الأكراد عن المشاركة في الحكم.
أما القائمة الكردية "المتآخية"، والتي حلت في المرتبة الثانية في الانتخابات وحازت على حوالي 25 في المائة من الأصوات، فقد أعلنت مقاطعتها وهددت بضم المناطق ذات الأغلبية الكردية إلى إقليم كردستان في حال لم تعد قائمة الحدباء النظر في قرارها.
ويقول خسرو جوران أن ست عشرة منطقة ومدينة قد قطعت علاقاتها مع الإدارة الجديدة في الموصل. ويضيف أن هذه المدن والمناطق ستشكل إدارتها الخاصة بها لإدارة شؤونها المحلية ما لم ترضخ قائمة الحدباء لمطالبها.
من جهة أخرى، طالبت قائمة الحدباء بانسحاب القوات الكردية من نينوى وطلبت من حكومة إقليم كردستان الاعتراف بحدود محافظة نينوى كما كانت عليه قبل عام 2003.
تعليقا على ذلك، قال أسامة النجيفي النائب عن مدينة الموصل وشقيق محافظ المدينة: "يجب على القوات الكردية أن تنسحب من محافظة نينوى كما يتوجب على حكومة إقليم كردستان الاعتراف بحدود محافظة نينوى من أجل التوصل إلى اتفاق مع القائمة الكردية المتآخية."
النجيفي كان قد أقر بخطورة التوتر الموجود حاليا في المحافظة والذي يمكن أن يتحول إلى أعمال عنف ما لم يتم التوصل إلى حلول للمشكلات القائمة.
أما المسؤولين الأكراد فما زالوا يصرون على موقفهم القائل بأن وجود قوات البشمركة هو وجود شرعي وفقا للاتفاقات المعقودة بين بغداد وحكومة إقليم كردستان. وتعليقا على ذلك، قال جبار ياور، الناطق باسم قيادة قوات البشمركة "أن القوات الكردية هي قوات دستورية وقانونية مثل القوات العراقية وهي لن تنسحب من المناطق المتنازع عليها حتى يتم تنفيذ المادة 140."
وتنص المادة 140 من الدستور العراقي على تطبيع الوضع الحالي، ثم إجراء تعداد سكاني واستفتاء لتقرير مصير المناطق المتنازع عليها.
ويرى الياور أن الأسلوب الوحيد لضمان الاستقرار بعد انسحاب القوات الأمريكية هو تشكيل لجنة مشتركة من القوات العراقية وقوات البيشمركة لضمان التعاون بينهما حتى يتم تطبيق المادة 140.
وتشير مصادر في المحافظة إلى أن عملية إعادة انتشار وتموضع لكل من القوات العراقية والكردية في المحافظة قد بدأت بالفعل. فالقوات العراقية قد قامت مؤخرا بالانتشار حتى سد الموصل الواقع في المناطق المتنازع عليها، وأمرت القوات الكردية مغادرة المنطقة. إلا أن الأكراد قد رفضوا الانصياع للأمر وبعد مفاوضات مطولة تحت إشراف القوات الأمريكية توصل الجانبان إلى اتفاق يقضي بتحمل المسؤولية بشكل مشترك بين الطرفين.
وفي حديث لمراسل نقاش قال عمر نوراديني أستاذ العلوم السياسية في جامعة صلاح الدين أن أي صراع في محافظة نينوى سيعمل على تدمير كافة المكاسب الأمنية التي تمكنت القوات الأمريكية والعراقية من تحقيقها بعد جهد جهيد وعلى مدى العامين الماضيين معتبرا أن "الاقتتال بين الكرد والعرب يشكل تحديا كبيرا في المحافظة."
ورأى نوراديني أنه "يجب على قائمة الحدباء والقائمة المتآخية أن يتوصلا إلى اتفاق قائم على تقاسم السلطة" محذرا من أن الاقتتال الداخلي بين القوات العراقية والكردية لن يكون مقبولا لا داخليا ولا دوليا.
الجمعة أغسطس 05, 2011 9:00 pm
